Article: "The Perils of Superficially Analyzing Productivity"(إغواء التحليل السطحي للإنتاجية)2/6/2011 نشر في صحيفة أخبار الخليج
الإنتاجية هي معدل إنتاج العامل الفرد. فرضا، إذا أنتجت شركة ما منتجا قيمته 100 دولار باستخدام خمسة عمال فالإنتاجية هي 20 دولارا للعامل الواحد. وإن قسمناها بشكل عام على مستوى البلد، تعكس الإنتاجية التقدم التكنولوجي. وإذا نظرنا إلى إحصائيات هيئة تنظيم سوق العمل البحرينية فسنرى انخفاضاً في الإنتاجية لا يقل عن 2% سنويا في آخر 5 سنوات، واتسع توظيف الأجانب بما يزيد على 10% سنويا في نفس الفترة، وتجاوز الأجانب المواطنين البحرينيين.ـ فمن الطبيعي أن نقلق وأن نبحث في دور العمال الأجانب غير المهرة في انخفاض الإنتاجية. لكن يصبح استيعاب التغيير في الإنتاجية معقدا أكثر إن كان ما يدفع إلى ذلك هو تغيير في عدد وتكوين العمال وليس في إمكانيات عمال محددين ثابتين. سأستخدم نماذج في هذا المقال لتفسير هذه المسألة.ـ لنأخذ بلدين كمثال: البحرين والهند. ولنبسِّط التصور بافتراض أن عدد سكان البحرين 10 أشخاص فقط والهند 20 شخصاً. يعمل العمال البحرينيون بالقطاع المالي فينتج العامل الواحد وحدات خدمات مالية ويبيعها في السوق الدولي بسعر 20 دولارا للوحدة. ويتمكن العامل المنفرد من تقديم 5 وحدات خدمات يوميا وعليه فالإنتاجية البحرينية تساوي 100 دولار للعامل يوميا.ـ أما في الهند، فيشتغل العمال في القطاع الزراعي كفلاحين والإنتاجية اليومية هي 40 دولارا للعامل. وإذا أردنا أن نقيس الإنتاجية الإجمالية (على مستوى البلدين) فهي تساوي 60 دولارا يومياً للعامل (لأن عدد سكان الهند ضعف عدد سكان البحرين).ـ إن كانت الهجرة ممنوعة واكتشفت المصارف البحرينية فجأة تقنيات متطورة تسمح لكل عامل أن ينتج 6 وحدات خدمات يوميا، فسترتفع إنتاجية البحرين من 100 إلى 120 دولارا يوميا للعامل. أما إذا أمرت الحكومة بإجراءات بيروقراطية بأن تأخذ من كل عامل خُمسا من وقته فستتراجع الإنتاجية من 100 إلى 80 دولارا يوميا للعامل. وخلاصة المثالين أن التغير في الإنتاجية يعكس تماما تغيراً في مستوى المعيشة. ولهذا السبب يفرح الإداريون الاقتصاديون حينما تتصاعد الإنتاجية وبالمقابل يُستفزون إن انخفضت.ـ إن سمحنا بالهجرة الواسعة فستتعقد الأمور وينكسر الارتباط المباشر البسيط بين الإنتاجية ومستوى المعيشة، حيث ان من الممكن أن تنخفض الإنتاجية حينما يزدهر مستوى المعيشة! فكيف يمكن ذلك؟ وفي حدود المثال نفسه، فليتصور المرء هجرة 10 من سكان الهند إلى البحرين لكي يعملوا مساعدين في القطاع المالي، كلٌ منهم تحت إشراف أحد البحرينيين من الخبراء بالخدمات المالية. ويتمكن كل عامل بحريني أن يركز جهده على المهمات التي تتطلب المهارات العليا ويحول المهمات البسيطة إلى مساعده الهندي، فيرتفع انتاج البحريني من 5 إلى 9 وحدات خدمات يوميا، وكذا إيراداته اليومية من 100 دولار إلى 180 دولارا. يستوجب طبعا على المدير البحريني أن يدفع راتباً إلى موظفه الهندي، لا يقل عن 40 دولارا ليضمن انعدام رغبة الهندي في العودة إلى الزراعة في بلاده الأم، فيقدم مثلا مرتب 50 دولارا وما يبقى من الـ 180 دولارا، وهو 130 دولارا، يعود إلى البحريني.ـ وباختصار وبنتيجة الهجرة (وتضاعف عدد سكان البحرين):ـ كسب كل بحريني 30 دولارا يوميا كسب كل من المهاجرين الهنود 10 دولارات يوميا ارتفع مستوى معيشة المجموعتين (الهنود العشرة الذين لم يغادروا بلادهم لم يتأثروا). وأيضا تطورت التكنولوجيا في البحرين، فسمحت الهجرة للتخصص الأعمق وهو أساس الازدهار الاقتصادي كما أكد لنا الاقتصادي آدم سميث.ـ ماذا حصل للإنتاجية البحرينية؟ انخفضت من 100 إلى 90 دولارا يوميا للعامل (180 دولارا مقسما على عاملين)! هل هذا يتطلب رد فعل من سكان البحرين لكي يحموا مستوى معيشتهم؟ كلا فقد استفادوا، ولمن يهتم بمصلحة المهاجرين الهنود فقد استفادوا هم أيضا. ربما يبدو المثال كلغز أو خدعة لكنه مثل شريف وصحيح. وكما فسرت سابقا، فالنقطة الجوهرية هي إدراك ما يدفع إلى التغيير في الإنتاجية. إن كان العمال محددين وثابتين، فبشكل عام لن ترتفع الإنتاجية من دون تحسن في مستوى المعيشة. لكن إن تغير عدد العمال وجاء القادمون من مجموعة ذات إنتاجية أدنى فهناك مجال للمزاوجة بين انخفاض في الإنتاجية وارتفاع في مستوى المعيشة. ومن ناحية نظرية إحصائية، فهذه الظاهرة معروفة، وتعرف بـ "ظاهرة ويل روجرز".ـ وبالطبع فالمثال السابق مبسط وكان بالإمكان بناء مثال يعكس علاقة حدسية بين الإنتاجية ومستوى المعيشة. فاهتمامي الأساسي كان دفع القارئ إلى الحذر وعدم الانفعال عند تحليل تأثيرات التحركات في الإنتاجية، وبتذكيره بأن التغيرات في مستوى المعيشة أهم من تغيرات الإنتاجية. فقد مر المجتمع وسوق العمل البحريني بتغييرات كبيرة على مدى آخر 10 سنوات نتيجة الهجرة وعلينا كشعب أن نفهم ما سببته وكيف سببته قبل أن نتخذ قرار حول سياستنا المتجاوبة.ـ طبعا ليس الأفق الاقتصادي هو الوحيد الذي يحمل وزناً في سياساتنا فهناك نواح أخرى مهمة، منها فرض التأثيرات على النسيج الاجتماعي والهوية الوطنية وهكذا. لكن ليس هذا عذرا للاعتماد على تحليل اقتصادي غير سليم: إن رغبت أن تفهم تحركات الإنتاجية في ظل وجود هجرة كبيرة، يجب التدقيق والتحقيق في مستوى المعيشة بطريقة مباشرة قبل الوصول إلى استنتاج حول الفوائد والمضارـ.
0 Comments
|
Omar Al-Ubaydli
This is where you can find all my articles, as well as some of my interviews and media mentions Archives
June 2020
Categories
All
|
Omar Al-Ubaydli
Bahrain Center for Strategic, International and Energy Studies PO Box 496, Manama Kingdom of Bahrain |
© COPYRIGHT 2015. ALL RIGHTS RESERVED.
|