Published in The National النسخة العربية أدناه Saudi Arabia’s November 2017 anti-corruption drive was a top-down initiative, and we do not know if there was any role for whistleblowers in notifying authorities about the activities that led to the arrests. Continue في نوفمبر الماضي، قامت المملكة العربية السعودية بحملة موسعة وشرسة لمحاربة الفساد، وبدأ حل الغزل من قمته. ولا يدري أي منا إن كان المبلغون عن الفساد (أو كاشفو الفساد) أو ما يُطلق عليهم باللغة الإنجليزية whistleblowers قد لعبوا دوراً في إبلاغ السلطات عن الأنشطة غير القانونية المؤدية لسلسلة الاعتقالات أم لا. ولكن بنهاية شهر نوفمبر بدأت التقارير الإعلامية في الإشارة إلى أن الحكومة السعودية حالياً تدرس مقترحات قانونية تهدف إلى حماية كاشفي الفساد، كما يحدث في المنظمات والمؤسسات العالمية، فهؤلاء المبلغون هم يد العون المتغلغلة في المجتمع المعني والقادرة على القضاء على الفساد. فهل يمكن للأبحاث والدراسات العلمية أن تضع المقترحات والتوصيات أمام صناع السياسة حول مفهوم النظام المثالي لتشجيع أفراد المجتمع على مد يد العون إلى مسؤولي الحكومة ومساندتهم في الكشف عن الفساد؟ـ أنجزت دانيلا سيرا، الأستاذة بجامعة ساثورن ميثوديست بحوثاً ودراسات متعمقة وشاملة حول الفساد، وهي البحوث التي فازت عنها بجائزة فرنون سميث الافتتاحية للباحث الصاعد، والتي تقدمها المؤسسة الدولية لبحوث الاقتصاد التجريبي. وقامت مؤخراً بإجراء دراسة أخرى موضوعها تشجيع الإبلاغ عن الفساد والكشف عنه، وشاركها في هذه الدراسة الباحث جيفري باتلر (الأستاذ بجامعة كاليفورنيا في ميرسد، الولايات المتحدة الأمريكية) وجيانكارلو سبانولو (كلية ستوكهولم للاقتصاد، السويد).ـ
ويستهل الباحثون دراستهم بإلقاء الضوء على أشهر كاشفي الفساد في السنوات الأخيرة والذين اضطروا لدفع ثمناً باهظاً نتيجة لقيامهم بالإبلاغ عن الفساد وتعريته أمام الرأي العام. ومن بين هؤلاء إدوارد سنودن وتشيلسي مانينغ وجوليان أسانج ممن وُجهت إليهم تهمة الخيانة بعد تسريبهم مستندات كشفت عن قضايا فساد ضخمة هزت الرأي العام. وبصورة أعم، ففي الاحالات الأقل شهرة للذين قاموا بالإبلاغ عن قضايا فساد والكشف عنها، فهؤلاء يقدمون تضحيات كبيرة أيضاً ويخسرون الكثير، فهم يتعرضون للنبذ والإقصاء من قِبل زملائهم، مما يجعلهم عرضة للتحرش وفقدان وظائفهم. وقد يمتد النبذ والإقصاء ليشمل النطاق المجتمعي أيضاً، في حالة عدم اقتناع المجتمع من الجانب الأخلاقي.ـ في ضوء ما عرضناه من مخاطر تحيط بأبطال الإبلاغ عن الفساد والكاشفين عنه، يفضل العديد من كاشفي الفساد المحتملين السكوت، مما يقل من قدرة الحكومة على مكافحة الفساد. ولذا، من مصلحة الحكومات النظر في وضع أنظمة رسمية تتميز بالشفافية تكون هي ركيزة الدعم والدفاع عن المبلغين عن الفساد. وقد قام الباحثون بإجراء سلسلة من التجارب للوصول إلى السمات المثالية التي يجب أن تمتثل لها هذه النوعية من الأنظمة.ـ وجاءت أول نتيجة في هذا البحث بديهية وغير مفاجئة على الإطلاق، فقد وجدوا أن المكافآت المالية من أهم وأنجح وسائل تحفيز الموظفين للكشف عن الفساد بداخل المؤسسات والشركات التي يعملون بها. وهذه نقطة شديدة الأهمية، لأنه في كثير من الحالات، الكشف عن الفساد والإبلاغ عنه يمثل عبئاً مالياً باهظاً على من يقوم بهذه العملية، كحرمانه من الترقية أو حمله على الاستقالة باستخدام سلاح الضغط الاجتماعي داخل مكان العمل. وفي كثير من الأحيان قد يكون الكاشف عن الفساد هو أحد المستفيدين من استمراره. في مثل الحالات، تعتمد السلطات على استعداد كاشفي الفساد لتحمل عبء مالي فقط لأنهم يريدون أن "يقوموا بالأمر الصحيح"، نتيجة لتمسكهم بالمبادئ الأخلاقية. ورغم أن مثل هؤلاء الأفراد موجودون بالفعل، إلا أنهم ندرة، مما يجعل هذه الاستراتيجية غير عملية ولا يمكن أن يُعال عليها كأداة لمكافحة الفساد.ـ عوضاً عن هذا، فالسلطات في حاجة ماسة إلى إضفاء طابعاً مؤسسياً إلى المكافآت المالية حتى يشعر الكاشفون عن الفساد بالثقة الكافية التي تدفعهم للإقدام على مثل هذا الفعل. في سياق الجرائم التقليدية الخطيرة، اعتاد الجميع حول العالم على رؤية إعلانات الجوائز المالية الكبيرة لمن يُدلي بمعلومات هامة تكفي لإدانة أحد المطلوبين. وقد يصل الأمر بالسلطات بالكشف علناً عن قيمة الجائزة المالية المخصصة لهذه المعلومات. ولكننا لا نرى أبداً مثل هذه الجوائز المخصصة للإدلاء بمعلومات تخص فساد المال العام وتسمح للسلطات باعتقال القائمين بهذه الجرائم والمتسببين في استمرارها.ـ وقد يعود أحد الأسباب هذا التناقض إلى الاستنتاج الثاني لدى الباحثين، وهو أن حجم الرفض المجتمعي للأفراد المدانين بجرائم تخص الفساد المالي يعتمد على مدى وضوح الخسائر التي يسببها الفساد على المجتمع.ـ ففي بعض الحالات، مثل ما حدث في فضيحة جمعية برنارد مادوف الخيرية، كان الضرر الناتج من هذا النوع من الفساد واضحاً وجلياً للجميع، مما يعني أن الرأي العام سيساند ويدعم الكاشفين عن الفساد المتوغل في هذه المنظمة، بل وقد يتوجهم أبطالاً وطنيين أيضاً.ـ ولكن في الحالات الأخرى، قد تكون آثار وتكاليف الفساد المالي داخلية فقط ويقتصر ضررها على المؤسسة ذاتها دون غيرها، وبالتالي فمن يعمل خارجها في منأى عن أي شر منها أو فيها. في مثل هذه الحالة، قد ينظر المجتمع إلى من قام بالكشف عن الفساد في هذه الشركة أو المؤسسة وأبلغ السلطات بها، نظرة خائن للأمانة ولثقة زملائه، بل وشخص لا يؤتمن على الأسرار ولا يصون حقها.ـ في الجرائم التقليدية، مثل السرقة والقتل، حجم الجرم المرتكب واضح للجميع وهناك إجماع شامل بسوئه وفظاعته، وبالتالي يسهل على السلطات أن تُضفي طابعاً مؤسسياً على الجوائز المعلنة للكشف عن هذا النوع من الجرائم. ولكن في حالة الفساد، من الصعب على السلطات أن تبرر الإعلان عن مكافأة للعامة، لأنه ببساطة لا يشعر الجميع باستفادة حقيقة مما يقوم به الكاشف عن الفساد.ـ وختم سيرا وزملاؤها بحثهم بأن أهمية الحوافز المالية قد تتزايد عندما لا يستوعب الأشخاص العاديون بوضوح الضرر المجتمعي الذي يسببه الفساد. ويؤكد بحثهم أيضاً حاجة السلطات إلى التوضيح للرأي العام حجم الضرر والأذى الواقع عليهم نتيجة الفساد المالي، لضمان حماية الكاشفين عن الفساد وعدم تعرضهم للإقصاء والنبذ من المجتمع. ويعد هذا أمراً مهماً خاصة في فضائح فساد الشركات، والتي يتم فيها سرقة أموال وثروات خاصة، فنجد أن الرأي العام لا يُلقي لها بالاً أو يعيرها انتباهاً.ـ وهنا تلعب الثقافة المجتمعية دوراً رئيساً، وهذه مهمة قد تكون أسهل على أصحاب القرار السعوديين مقارنة بنظرائهم في المجتمع الغربي. ففي بلاد مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، الثقافة السائدة مناهضة تماماً للإقدام على كشف الفساد أو إبلاغ السلطات عن جريمة ارتكبها شخص ما، وبالفعل تنتشر هناك أسماء تحمل في طياتها دلالات وصم بالعار والخيانة لمن يقدم على هذا.ـ أما على الجانب الآخر في الدول الإسلامية، نظرياً هذه الثقافة لا وجود لها بين أفراد المجتمع ولا تجد مشجعين ومروجين لها، فالقرآن واضح وصريح في حث المسلمين على النهي عن المنكر. وفي حالة تعرض مسلم ما إلى خطر عند النهي عن المنكر، فلا إثماً إن التزم بالصمت ولكن لا يزال هناك أجراً لمن يعترض. علاوة على هذا فالمفردات العربية السلبية التي تستخدَم لوصف من يقوم بالإبلاغ عن الجرائم والمخالفات إلى السلطات نجدها أقل بكثير من تلك الشائعة والمتداولة بل والغنية أيضاً في الدول الغربية. وعليه، يجب على السلطات الإشارة إلى الواجب الإسلامي للمسلم على مكافحة الفساد.ـ
0 Comments
Leave a Reply. |
Omar Al-Ubaydli
This is where you can find all my articles, as well as some of my interviews and media mentions Archives
June 2020
Categories
All
|
Omar Al-Ubaydli
Bahrain Center for Strategic, International and Energy Studies PO Box 496, Manama Kingdom of Bahrain |
© COPYRIGHT 2015. ALL RIGHTS RESERVED.
|